الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
كنت قد رأيت مقطعا معنون عليه (تسن صلاة الضحى غباً)
وغبا يعني: تفعل يوما، ولا تفعل يوما، وليس لازما أن تكون بهذا الترتيب فيمكن أن تفعل يوما، وتتركه يومين، أو العكس، ولكن لا تُفعل دائما
هذا قول للحنابلة قال في الفروع٢/٤٠٣:
"وعنه أكثر الضحى اثنتا عشرة للخبر، جزم به في الغنية، وقال: له فعلها بعد الزوال. وقال: وإن أخرها حتى صلى الظهر قضاها ندبا ونص أحمد تفعل غبا".اهـ
واستدلوا
بحديث أبي سعيد رضي الله عنه: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الضُّحَى حَتَّى نَقُولَ لَا يَدَعُهَا، وَيَدَعُهَا حَتَّى نَقُولَ لَا يُصَلِّيهَا)وهو ضعيف؛ لأنَّ في إسناده: عطيَّة بن سعيد العوفي وضعفه الألباني به في الإرواء.
ولكن السنة في صلاة الضحى أن يداوم عليها ولا تترك لأن ترك النبي ﷺ لبعض السنة مخافة أن تفرض علينا وقد زال العذر بتوقف التشريع
فيبقى المداومة عليها هو الأصل فيها وفي بقية السنن إلا ما دل الدليل على فعله على صفات أوأوقات أوأماكن مقيدة وعلى ذلك بقية السنن.
فعن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أحب الأعمال إلى الله تعالى أدومها وإن قل". متفق عليه.
وقال مسروق: سألت عائشة - رضي الله عنها -: أي العمل كان أحب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت: الدائم. رواه البخاري
هذا من حيث العموم
أما من حيث الخصوص
ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: (أَوْصَانِي خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم بِثَلَاثٍ: صيامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيْ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ)، وأيضاً أوصى بها النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أبا الدرداء رضي الله عنه كما عند مسلم، وأوصى بها أبا ذر رضي الله عنه كما في سنن النَّسَائي
يفيد المداومة لأنها وصية بالفعل ولم يقيد بالترك أحيانا أو مقيدا
و حديث أَبي ذر رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلاَمَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجَزِىءُ، مِنْ ذلِكَ، رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى)
رواه مسلم
وقوله يصبح يفيد دوام دخول هذا الوقت ودوام وجود هذه الصدقة كل يوم لأن صيغة يُفعلُ تفيد الإستمرار والتجديد (انظر كتاب اتجاهات التحليل الزمني في الدراسات اللغوية ص١١٣)
وذكر ابن مفلح في الفروع ٢/٤٠٣ من ذهب إلى المداومة على صلاة الضحى فقال:
"واستحب الآجري وأبو الخطاب وابن عقيل وابن الجوزي، وصاحب المحرر وغيرهم المداومة، ونقله موسى بن هارون "وش". " اهـ قول ابن مفلح "وش" أي وفاقاً للشافعي
وهذا القول هو اختيار ابن باز والألباني وابن عثيمين رحمهم الله
والله اعلم
قيده أبو محمد
رماح بن محمد القحطاني
نفع الله بكم
ردحذفوفقكم الله
ردحذف